راجية عفو الله المديرة
عدد المساهمات : 162 العمل/الترفيه : موحدة عابدة لله عز وجل نقاط : 54578 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رباه فاقبلني الجمعة نوفمبر 06, 2009 10:07 pm | |
| رباه فاقبلني
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. جاء تاركاً وراءه متع الدنيا ولذائذها، بل تاركاً همومها وأحزانها وأتراحها، يسوقه الشوق، وتحدوه المحبة، يطوي المراحل والفيافي والقفار، يلقى في ذلك الصعاب واللأواء والشدة فيجد لها لذة وحلاوة، لأنها في طريق محبوبه:
جزى الله الطريق إليك خيراً وإن كنا تعبنا في الطريق جاء إلى بيت ربه العتيق .. نعم بيت ربه {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}(سورة البقرة:125)، "وهذه الإضافة هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه، وسلبت نفوسهم حباً له، وشوقاً إلى رؤيته، فهو المثابة للمحبين يثوبون إليه، ولا يقضون منه وطراً أبداً، كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له حباً، وإليه اشتياقاً، فلا الوصال يشفيهم، ولا البعاد يسلبهم، كما قيل:
أطوف به والنفس بعد مشوقة إليه وهل بعد الطواف تدانيوألثم منه الركن أطلب برد ما بقلبي من شوق ومن هيمانفو الله ما أزداد إلا صبــابة ولا القلب إلا كثرة الخفقانأبت غلبات الشوق إلا تقرباً إليك فما لي بالبعاد يـدانأتاك على بعد المزار ولو ونت مطيته جـاءت به القدمان"[1] وصل إلى ذلك البيت أشعث أغبر، يرتدي ثوب المسكنة بين يدي الرب الجليل، ويحمل رداء الذل والخضوع لصاحب العظمة والكبرياء وحده لا شريك له، أسقط كل ثياب الفخر والزينة والترف ليلبس ذلك اللباس الأبيض النقي الذي يُعلِّمه أن يكون أبيض القلب، نقي الاعتقاد. خرج من بيته، وترك أهله وأحبابه ووطنه، وغادر الترف والرخاء والرغد؛ ليزاحم بنفسه بين مئات الآلاف ممن أسلم وجهه لله فيغمر نفسه بينهم، ويحس بغربته عن هذه الدنيا حيث لا ألقاب، ولا إشارات، ولا مناصب، ولا شارات، بل يعلنها في خشوع وخضوع للملك العزيز، رب الأرض والسموات، الذي خلق كل هذه الأعداد على اختلاف الألوان واللغات: {حَنِيفاً مُّسْلِماً}(سورة آل عمران:67). ترك كل مظاهر الرخاء والرفاهية ليصطلي في النهار تحت أشعة الشمس وحرّها، وفي الليل يعاني مرير السهر والأرق، لكنه هذه المرة، وفي هذا المكان المهيب؛ بين هذه المشاعر المقدسة التي وطئتها أقدام المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ يجد لذة لا توصف لكل تلك المشاق، يجد قلبه وهو ينادي ربه، ويتضرع إليه في مسكنة وخضوع، وذل وفقر، وخوف ورجاء: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}(سورة طه:84)، كل هذا خضوعاً لك يا الله، فلبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. رباه فاقبل توبتي، رباه فاغسل حوبتي، رباه فاقبلني يا راحم المساكين، ويا مؤوي الضعفاء والمحتاجين. ربي وخالقي وإلهي ومولاي وناصري ومعيني.. اللهم إنك ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، وتعلم سري وعلانيتي ، ولا يخفى عليك شيء من أمري ، أنا البائس الفقير ، المستغيث المستجير ، الوجل المشفق ، المقر المعترف بذنبه ، أسألك مسألة المسكين ، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، دعاء من خشعت لك رقبته ، وذل لك جسده ، وفاضت لك عينه ، ورغم لك أنفه. اللهم لا تجعلني من الأشقياء، ولا من المحرومين، إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفا ، ومن أولى بالعفو عني منك ، وعلمك فيّ سابق، وأمرك بي محيط ، إلهي أطعتك بإذنك والمنة لك ، وعصيتك بعلمك والحجة لك ، فأسألك بقدرتك مع عجزي وضعفي ، وبفقري إليك وغناك عني ، أن تغفر لي وترحمني، وتجعلني مقبولاً، وتكتب لي العتق من نيرانك،إلهي يا من جمعت عبادك المؤمنين في هذا الموقف المبارك، حرّم لحمي وبشرتي وعظمي وعصبي على النار إذا جمعت الأولين والآخرين، اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة، أعدني إلى أهلي وقد أعتقتني من النار وخرجتُ من ذنوبي كيوم ولدتني أمي . أنت ملاذي ومَعاذي وعليك اتكالي ولا حول ولا قوة لي إلا بك.
والحمد لله رب العالمين.
| |
|