راجية عفو الله المديرة
عدد المساهمات : 162 العمل/الترفيه : موحدة عابدة لله عز وجل نقاط : 56468 السٌّمعَة : 0
| موضوع: أدعية وأذكار الطواف الجمعة نوفمبر 06, 2009 9:14 pm | |
| أدعية وأذكار الطواف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالحج عبادة من العبادات، وشعيرة من الشعائر التي أوجبها الشارع الحكيم، وفرض لها هيئات محددة؛ وأذكاراً خاصة بهذه الشعيرة؛ ليتحقق المقصد السامي من هذه الشعيرة. وهذه الأذكار على ضربين: أذكار في سفره، وأذكار في نفس الحجّ، فأما التي في سفره فليس المقام هنا مقام ذكرها، وإنما سنقف مع الأذكار الخاصة بالحج نفسه فنقول: الحج بكل شعائره وهيئاته: السعي، والطواف، وعرفة، مزدلفة، ومنى، و... إلخ كلها ما جعلت إلا لذكر الله عز وجل، ولتحقيق التقوى، ولهذا نجد ارتباطاً كبيراً واضحاً بين آيات التقوى والحج، وهذا لكي يؤدي الحاج هذه الشعيرة وتقوى الله نصب عينيه. لذا كان ينبغي على الحاج أن يتعلم دقائق الحج، ويسأل أهل العلم عن أمور الحج وتفاصيله ليحقق تلك التقوى {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(سورة النحل: 43)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألم يكن شفاء العي السؤال)) 1 . صفة الطواف: يتقدم من يريد الطواف إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف باستلامه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيستقبله ثم يستلمه بيمينه ويقبله، ويقول عند استلامه: بسم الله والله أكبر، فإن لم يتيسر له استلامه وتقبيله لمشقة الزحام؛ استلمه بيده بأن يضع طرف يده أو أصابعه عليه ولو عن بعد، أو استلمه بعصى وقبَّل ما استلمه به، وقال: الله أكبر، فإن لم يستطع استلامه لا بيده ولا بشيء أشار إليه وكبّر، ولا يقبّل ما يشير به، ولا يزاحم من أجل الاستلام، والتقبيل، فيؤذي الناس، فإن ذلك مما يوجب الإثم، رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه: ((إنك رجل قوي؛ لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله وهلل وكبر)) 2 ، وكذلك المرأة يحرم عليها أن تزاحم الرجال من أجل الاستلام، فإن مفسدة مزاحمتها للرجال، وما يترتب على ذلك من الفتنة؛ أعظم من مصلحة استلامها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. ثم بعد ذلك يتجه في طوافه ذات اليمين جاعلاً الكعبة وحجر إسماعيل عن يساره، فإذا بلغ الركن اليماني استلمه بأن يضع يده عليه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر له فلا يزاحم عليه، ولا يشير إليه، ويدعو بين الركن اليماني والحجر الأسود، فإذا وصل الحجر الأسود أو حاذاه فقد تم شوطه. وكل دورة كاملة على الكعبة وحجر إسماعيل من عند الحجر الأسود أو محاذاته إلى أن يرجع إلى ما ابتدأ منه فهي شوط، فإذا فعل ذلك سبع مرات فقد أتم طوافه، والمشروع أن يستلم الحجر الأسود ويقبله في ابتداء كل شوط ويقول: الله أكبر ، فإن لم يتيسر له ذلك فإذا حاذه استقبله، وأشار إليه، وفي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طاف الطواف الأول يعني القدوم خب ثلاثاً، ومشى أربعاً، وفيه عنه: طاف بالبيت سبعاً، وصلى خلف المقام ركعتين" رواه البخاري (1562)، ومسلم (230). أدعية وأذكار الطواف: - إذا وصل إلى الكعبة قطع التلبية قبل أن يشرع في الطواف إن كان متمتعاً أو معتمراً. - ثم يقصد الحجر الأسود ويستقبله، ثم يستلمه بيمينه، ويقبله إن تيسر ذلك، ولا يؤذ الناس بالمزاحمة، ويقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر"، فإن شق استلامه أشار إليه وقال: "الله أكبر"، ولا يقبِّل ما يشير به. - روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا استلم الحجر قال : اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، واتباعاً لسنة نبيك ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويستلمه " 3 - إذا حاذى الركن اليماني استلمه بيمينه، وقال: "بسم الله والله أكبر" ولا يقبله، عن ابن عمر قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة " 4 فإن شق عليه استلامه تركه ومضى في طوافه، ولا يشير إليه، ولا يكبر عند محاذاته؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . - يقول بين الركنين وهما الحجر الأسود والركن اليماني: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} صحيح أبي داود ( 1892 ). - يجتهد في طوافه بالدعاء والذكر والمناجاة وقراءة القرآن والاستغفار، ولا ينشغل بحديث مع أحد أو التفات هنا وهناك. وليس هناك دعاء محدد لكل شوط، بل يدعو العبد بما أراد من خيري الدنيا والآخرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "دعاء الطواف، والصلاة بعده، وشرب زمزم: ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى، ويدعوه بما شرع، وإن قرأ القرآن سراً فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختم طوافه بين الركنين بقوله: {ربنا ءاتِنَا في الدُّنيَا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(سورة البقرة:201)، كما كان يختم سائر دعائه بذلك. والطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فلا يتكلم فيه إلا بخير، ويؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلى، فإذا قضى الطواف صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم فهو أحسن، ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الإخلاص، والكافرون، ولو صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه؛ لم يكره سواء مرَّ أمامه رجل أو امرأة، وهذا من خصائص البيت، ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر، وأن يشرب من ماء زمزم، ويتضلع منه، ويدعو عند شربه بما شاء من الأدعية الشرعية، ولا يستحب الاغتسال منها، ومن حمل شيئاً من ماء زمزم جاز، فقد كان السلف يحملونه" 5 . قال الإمام النووي: "فصل في أذكار الطواف: يستحب أن يقول عند استلام الحجر الأسود أولاً، وعند ابتداء الطواف أيضاً: بسم الله، والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، ويستحب أن يكرر هذا الذكر عند محاذاة الحجر الأسود في كل طوفة، ويقول في رمله في الأشواط الثلاثة "اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً"، ويقول في الأربعة الباقية: "اللهم اغفر وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، قال الشافعي رحمه الله: أحب ما يقال في الطواف: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة إلى آخره، قال: وأحب أن يقال في كله، ويستحب أن يدعو فيما بين طوافه بما أحب من دين ودنيا، ولو دعا واحد وأمَّن جماعة فحسن. وحُكي عن الحسن رحمه الله أن الدعاء يستجاب هنالك في خمسة عشر موضعاً: في الطواف، وعند الملتزم، وتحت الميزاب، وفي البيت، وعند زمزم، وعلى الصفا والمروة، وفي المسعى، وخلف المقام، وفي عرفات، وفي المزدلفة، وفي منى، وعند الجمرات الثلاث، فمحروم من لا يجتهد في الدعاء فيها. ومذهب الشافعي وجماهير أصحابه أنه يستحب قراءة القرآن في الطواف؛ لأنه موضع ذكر، وأفضل الذكر قراءة القرآن، ويستحب إذا فرغ من الطواف ومن صلاة ركعتي الطواف أن يدعو بما أحب، ومن الدعاء المنقول فيه: "اللهم أنا عبدك، وابن عبدك، أتيتك بذنوب كثيرة، وأعمال سيئة، وهذا مقام العائذ بك من النار، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم" 6 . وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن أدعية الطواف "وهل للطواف والسعي في الحج أدعية محددة كما في كتاب يقرؤه الحجاج والمعتمرون، أم أن الدعاء بما ورد وصحَّ من آيات وأحاديث بدون تحديد أولى؟ أفتوني مأجورين، وجزيتم خيراً. فأجاب رحمه الله بقوله: يشرع في الدعاء والذكر والطواف والسعي بما يسر الله من الأذكار الشرعية، والدعوات الطيبة التي لا محذور فيها، وليس في ذلك شيء محدود، إلا أنه يستحب ختم كل شوط من أشواط الطواف السبعة بالدعاء المعروف: {وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، بين الركنين: اليماني والأسود؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما يشرع التكبير عند استلام الحجر الأسود وتقبيله، وعند الإشارة إليه إذا لم يتيسر استلامه، وهكذا يشرع عند استلام الركن اليماني أن يقول الطائف: ((بسم الله، والله أكبر))، ويشرع على الصفا والمروة جميع الأذكار والدعاء الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع رفع اليدين، واستقبال الكعبة، وقراءة قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} عند البدء في السعي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: ((إن الصفا والمروة من شعائر الله" نبدأ بما بدأ الله به))، والله ولي التوفيق" 7 . وقال رحمه الله فيمن يحدد دعاءً معيناً: "وأما ما أحدثه بعض الناس من تخصيص كل شوط من الطواف، أو السعي؛ بأذكار مخصوصة، أو أدعية مخصوصة؛ فلا أصل له، بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى، فإذا حاذى الركن اليماني استلمه بيمينه، وقال: "بسم الله، والله أكبر" ولا يقبله، فإن شق عليه استلامه تركه ومضى في طوافه، ولا يشير إليه ولا يكبر عند محاذاته؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم" 8 . وعلى هذا فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصَّص دعاءً، أو ذكراً معيناً في الطواف أو السعي، وللحاج أن يتخير من الدعاء ما أراد، وأن يكثر من التضرع بين يدي الله عز وجل، وأن يستغل الأوقات ولا يضيعها فيما لا فائدة منه.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلى كل خير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين. | |
|